كوارتي سادن الكيان الوفي ورجل الهلال القوي …!

 

عاش سنداً للعظماء وصوتاً للحق والفضيلة

كوارتي رمانة الانجاز في فرقة البابا وكلمة السر في حصد النجوم

5 جنيهات نقلته من مدرجات المشجعين إلى مقصورة الإداريين

دخول مبكر لجامعة “سوق العناقريب” وشهادات عليا في التجارة وحب الهلال

تمرد على هوى الكوارتة وأصبح من رواد الشراكة التجارية بين السودان والمملكة

رجح ميزان الشطارة وأهدي الهلال نجوم من ذهب   

كوارتي ومجتمع الهلال علاقة راسخة ووفاء نادر

صديق الصحفيين.. رفيق المبدعين … نصير الضعفاء … باذل الخير سراً وعلانية

قصة لاراش وكيف نجا من غضبة رجل الهلال القوي

عاشق أرض الكنانة والسفير المتوج على ضاف وادي النيل

أعداد : ياسر فضل المولي 

سحب داكنة وغيوم سوداء، دموع غزيرة وقلوب دامية ودعوات صادقة تتصاعد ولاتنقطع منذ أن حمل الأسير نبأ وفاة رجل الهلال القوي محمد حمزة الكوارتي بقاهرة المعز في يوم الجمعة الثالث من ديسمبر الشهر الأخير في العام 2021. أحدث خبر وفاة أبو مهند كما كان يحلو له أن ينادى صدمة كبيرة للوسط الهلالي خاصة وللأوساط الرياضية والسياسية والاجتماعية عامة. لينتشر الخبر المفجع ويلون الأسافير بلون السواد وتعم الديار الزرقاء موجة من الحزن وتبكي الخرطوم من هول مصيبتها وتنكفي أم درمان على وجع سيطول. وفي أقصى الشمال أرسلت قاهرة المعز تعازيها وعبرت عن حزن صادق على رحيل سفير وادي النيل الذي كم شكل شريان للتواصل وعنوان للمحبة بين شعبي السودان ومصر بعيداً عن مآلات السياسة وخيبات الحكام هنا وهناك.

النخبة التي شق عليها نبأ رحيل الفارس الأزرق تحاول عبر هذه السطور أن تستنطق تاريخ الهلال ليحكي لنا عن صفحات مضيئة من حياة رجل خدم الأزرق منذ ريعان شبابه وظل رجل الهلال القوي إلا أن توفاه الله في يوم جمعة مباركة انتقل فيها “محمد” إلى دار الخلود ينعم برحمة من ربه ومغفرة وسلام.

من حي المظاهر إلى العرضة شمال

ولد محمد حمزة الكوارتي في 1/1/ 1952وكان الابن الثالث في الترتيب لوالده حمزة الخضر ووالدته علوية محمد عثمان حسين بعد الولد البكر للأسرة على والراحل خضر ويصغره بالترتيب عادل وعمر وعباس وسامية والمعز.

الهجرة – الأهلية – الأحفاد

درس الراحل في مدرسة الهجرة الأولية والأهلية المتوسطة في أم درمان وكان من أساتذته فيها نجم النجوم أستاذ اللغة الإنجليزية كابتن الهلال والمنتخب أمين زكي، ونجم المريخ برعي القانون، بعدها انتقل للأحفاد الثانوية.

دخول مبكر للسوق

ولأن التجارة إرث وسلوك وعادة عند الكوارتة فقد وجد محمد حمزة الطريق إليها ممهداً أكثر من مواصلة الدراسة فالتحق بجامعة الكوارتة في سوق العناقريب وعمل بجانب والده الذي كان أكبر مورد للشاري والسكر والدقيق في السودان.

طريق مختلف

لم تمر فترة طويلة على عمل محمد في تجارة والده وسرعان ما شق طريقه نحو مجال بعيد عن اهتمام الكوارتة وأصبح من أكبر المصدرين للماشية بجانب أسرة حيدوب وآخرين عرفوا في هذا النشاط التجاري.

شراكة سودانية سعودية

حقق محمد حمزة نجاحاً كبيراً في تصدير الماشية مع شريكه السعودي محمد عبد الملك المفرجي من تجار مكة المكرمة وتطورت هذه الشراكة لتشمل توريد “أكياس جيلاني” الشهيرة إلى السودان، وغيرها من تجارة المعجون وفرش الأسنان وحجارة البطارية “أفريدي” التي كان الفقيد وكيلها الرسمي في السودان. وبحكم هذه الشراكة أصبح المفرجي صديق للكوارتي ويحضر خصيصاً من المملكة لمشاركة الأسرة مناسباتها.

تمرد محمد حمزة على الكوارته وخالف هواهم في ارتباط نشاطه التجاري بالخرطوم دون أم درمان، ووجد نفسه في مكتب تجاري قريب من موقع إصدار القرار في الهلال في المكتب التنفيذي بقيادة العم دياب ادريس ورفيق الدرب الصوفي المتبتل في محراب الهلال صديق أبو ادريس وليس ببعيد عن منشية الطيب عبدالله.

بت الحوش

بعد مشوار مشهود بالنجاحات التجارية والعلاقات الاجتماعية المتميزة، تحسس محمد ود الخضر ود علوية قلبه وإلى أين يميل فوجده نفسه مكتول في حوش عمه عبد السلام عثمان عبدالسلام ينبض بحب الكوارتية منال التي كانت سدرة منتهى هواه وعاش معها الحياة بحلوها ولا مرّ فيها ولا مرارات في حضرة مناله ومبتغاه.

“ست البيت”

توج محمد التاجر الشاطر ومنال طالبة الاقتصاد بجامعة الخرطوم علاقتهما الأسرية وارتباطهما الوجداني بخطوبة مهدت لعقد قران تم في 21/6/1988 في جامع السيد علي الميرغني المقر الدائم لعقد زيجات الكوارتة. وبعده بشهرين اكتمل مراسم الزواج لتبدأ حياة مفعمة بالإلفة والحب والمودة مع “ست البيت” إلا أن توفاه الله وهي تجلس بجواره تعيش لحظات الوداع المر. ليمضي محمد في عليائه جوار رب رحيم ويترك لبنت عمه ورفيقة عمره 5 من الأولاد كل واحد منهم يحمل قصة من قصص نجاحه التجاري، وخصلة من خصاله الطيبة وملامح من شكله وتفاصيل خلقه وأخلاقه النبيلة.

“مو كوارتي”

من المصادفات أن جميع أفراد الاسرة بما فيهم والدتهم منال يبدأ اسمهم بحرف الميم ولهذا أطلقوا على شركة الاسرة “مو كوارتي” وهي تعمل في مجالات الغاز وتعدين الذهب وأنشطة تجارية أخرى. اشتهر الراحل المقيم باسم أبومهند ابنه البكر خريج الهندسة الميكانيكية بجامعة الخرطوم المدير التنفيذي لشركة سودا غاز. وجميع أبناء الفقيد مضوا في طريق والدتهم ودرسوا في جامعة الخرطوم، كما ذهبوا في إثر والدهم وعملوا بالتجارة حيث يتشارك مصعب خريج الاقتصاد مع أخيه خريج الاقتصاد الآخر معاذ وأخيهم الأصغر المهندس مؤمن العمل في إدارة شركة “مو كوارتي” في مجال الجازولين، بينما يعمل المهندس مجتبى بجانب شقيقه الأكبر مهند في مجال التعدين. ومن نعم الله على فقيدنا الراحل المقيم أنه قد ترك إرثاً طيباً تمثل في أبنائه البررة الذين تأدبوا بالطباع السودانية النبيلة من شهامة ومروة وحسن معشر واحترام لأعمامهم وأصدقاء أبيهم في الهلال والختمية والأسرة الكوارتية.

5 جنيه بالتمام والكمال 

في العام 1973 وبخمسة جنيهات كانت مبلغاً يهز ويرز دشن محمد حمزة مسيرة العطاء الطويل في حضرة هلال الملايين. حيث تقول رواية الفكي بشير الموثوقة أن محمد حمزة الذي كان صبياً في السادسة عشرة من عمره صعد للمقصورة في رضاء وسعادة عقب مباراة الهلال وسانتوس البرازيلي و “دس” 5 جنيهات في يد الزعيم الخالد الطيب عبد الله الذي كان عضواً في مجلس يرأسه أحمد عبدالرحمن الشيخ وسكرتيره عبدالله السماني. ومن يومها بقي الشاب الأسمر في ذاكرة الطيب الذي عرف أنه من أسرة الكوارته فاستعان به في عدة لجان ومهام. وبعدها كان أبو مهند من أصفياء الطيب وأصدقائه المقربين، بل كان سنده ومن خيرة رجاله الأوفياء.

عضو مجلس

منذ العام 1975 لم ينقطع محمد حمزة عن العمل في نادي الهلال إلى أن جاء العام 1978 التاريخ الذي نال فيه محمد حمزة شرف عضوية مجلس إدارة النادي الذي أحبه وأخلص له وأصبح رمزاً من رموزه. وكان ذلك على أيام الريس أحمد عبد الرحمن الشيخ وسكرتارية السماني. وبعدها شكل الكوارتي حضوراً شبه دائم في مجالس الهلال إلى أن أصبح أصغر نائب سكرتير ثم أصغر سكرتير في تاريخ الهلال وشكل الكوارتي حضوراً بارزاً في كافة المجالس التي تراسها الطيب عبدالله.

شغل محمد حمزة منصب نائب السكرتير ومنصب السكرتير على أيام رئاسة الطيب عبداللهن ونائبا للرئيس طه علي البشير بعد تنحي الطيب عن الرئاسة بسبب الحرب الشعواء التي شنته ضده الغنقاذ ممثلة في وزير الرياضة إبراهيم نايل ايدام والتي وصلت حبس الطيب والكوارتي في السجن والقصة هنا تطول وشهودها أحياء. كما كان الكوارتي سكرتيرا للهلال على أيام مجلس الفقراء بعد عودة الطيب للرئاسة في 1997.

وكان عضواً للمجلس المعين الذي ترأسه الحاج عطا المنان وعدد من المجالس الأخرى، حيث لم يرتبط عطاؤه في الهلال بكونه في المجلس أو خارجهن أو أن من يقود المجلس يتفق معه أو يختلف فقد كان التجرد صفته وأز.

قصته مع لاراش

على أيام هلال 87 كان رجل الهلال القوي محمد حمزة يشغل منصب أمين المال. وتقول الرواية أن النادي الأهلي المصري احتفل بعد المباراة ببعثة الهلال والضيوف المباراة التي تعرض فيها الهلال لظلم التحكيم المغرب وخلال الحفل وما إن وقع نظر الكوارتي على الحكم لاراش إلا وأندفع نحوه واشتبك معه وكاد يفتك به لولا تدخل الحاضرين ومنهم وزير الرياضة المصري عبد الأحد جمال الدين. ليغادر لاراش الحفل سليماً لكنه غادر بعدها الدنيا تلاحقه دعوات الأهلة وغضبهم حتى يومنا هذا.

ديوانية 87

وعلى ذكر هلال 87 فقد كانت هناك طاولة مستديرة شبه دائمة تعنى بالتفاكر والتخطيط لمسيرة الهلال الافريقية وتضم مجموعة هم أقرب إلى الأصدقاء من اللقاء الرسمي ومنهم البروف كمال شداد ومحمد الشيخ مدني (رغم مريخيته) وأمين زكي ومحمد حمزة الكوارتي وصديق أبو إدريس وإسماعيل عثمان السيد وفي بعض المرات ينضم لهم البابا الطيب عبدالله والحكيم طه والأستاذ حسن عزالدين ومراسل شندي محمد حسن خلف الله وقطب الموردة عمر التوم.

رئاسة القطاع الرياضي  

ومن اللجان التي لعبت دوراً مهماً في تأهل هلال 1987 لجنة رعاية شؤون اللاعبين ويرأسها عضو المجلس الأستاذ الطريفي الصديق زمعه من خارج المجلس عبدالمجيد منصور وعلي أحمد عباس وكمال وهبة وعبدالعزيز تأمينات وصديق أبو إدريس وإسماعيل عثمان السيد.
وبعد عام 1988 توسعت اللجنة ورأسها البابا الطيب عبدالله ثم أصبح اسمها القطاع الرياضي وترأسه محمد حمزة وكان نائبه الطريفي الصديق مع نفس كوكبة هلال 87 وانضم لهم كابتن ياسر الأمين وهاشم ملاح وسيف نوري وعدد من الأسماء الهلالية اللامعة التي هيأت الطريق لتأهل الهلال لنهائي 92 في عهد عبدالمجيد منصور.

الوزير يوقع في الهلال مقابل 5 ألف جنيه

مازال وزير دفاع الهلال يكن وداً خاصاً للراحل المقيم محمد حمزة، وذلك لارتباطه بقصة انتقاله للهلال والتي تقول ان المعلومات وردت للريس الطيب عبدالله بان هناك لاعب مميز في ديم سلمان وعيون المريخ تحلق حوله فأوكل الريس المهمة لملك المهمات الصعبة محمد حمزة الذي سارع هو ومكتشف النجم سليمان ملاح للتواصل مع كابتن طارق والحصول على موافقته هو وناديه، وكان المبلغ المقرر لإنهاء الصفقة 5 ألف جنيه بدأ الطيب التفكير في جمعها إلا أن رجل المهمات بادر بالقول “دي أنا بدفعها براي”، ومن يومها عرف الهلال مدافعاً من طراز رفيع تقلد زارة الدفاع لسنين طويلة وقل أن يجود الزمان بمثله.

سكسك وفرحة ماتمت
ومن المواقف التي تحسب لفقيد الهلال، وبعد أن ظفر المريخ بدرة الملاعب الساحر سكسك كان مجلس الهلال بقيادة الطيب وطه البشير في دولة الإمارات، يومها فكر الطيب في رد الصاع للمريخ وإطفاء غضب الشارع الأزرق وكان الريح كاريكا هداف الدوري وأبرز نجوم الساحة وربما الأقرب للمريخ، فأوكلت المهمة لمن ينجزها وتمكن كوارتي أمين الخزينة بمساعدة عماد حسين عضو نادي العباسية على أيام الوسيلة العكام من كسب الصفقة التي نزلت برداً وسلاماً على الأهلة، وحسرة وحزناً على جيران نادي العباسية في العرضة جنوب.

خطف صبحي من بيت حجوج

من المواقف التي تحسب لرجل الهلال الوفي عملية تسجيل البلدوزر صبحي الذي كان يومها متواجداً داخل منزل رئيس المريخ عبدالحميد الضو حجوج، ورغم صعوبة المهمة إلا أن حنكة ودهاء “تلميذ الطيب عبدالله” رفقة سادن الهلال صديق أبو إدريس وذبيح الشارع الأزرق إسماعيل عثمان السيد وابن النادي عباس حمزة مكنت الهلال من اللاعب والذهاب به إلى بتري لتتفاجأ جماهير المريخ بعدها بصاحب القدم الأقوى على الإطلاق وهو يوقع للهلال ويصبح بعدها أنشودة المدرجات الزرقاء لسنين طويلة.

كيف جاء هوبا للهلال
كثيرة هي القصص التي تحكي المكر والدهاء الإداري عند محمد حمزة غفر الله له ورحمه. ومن هذه القصص أن الكوارتي كان مكلفاً بملف تسجيل الحارس العملاق أحمد النور لكن سفر رئيس المريخ ماهل أبو جنة إلى كسلا واتفاقه مع نادي الميرغني صعب المهمة تماماً إلى ان أبو مصعب يعرف كيف يتجاوز مطبات التسجيلات ليستثمر علاقته بالرئيس الفخري لنادي الميرغني الدكتور أحمد الميرغني الذي لم يتردد في الاتصال بإدارة الميرغني لتكون النتيجة أحمد النور رفقة محمد حمزة في رحلة الكسب والنصر إلى الخرطوم.

 صديق الصحفيين

تربط محمد حمزة علاقات مميزة مع أصحاب القلم في القبيلتين الزرقاء والحمراء لكنه عرف بعلاقته الشخصية والخاصة مع شجرابي، حسن عبدالرحيم، ياسر عائس، عوض أحمد عمر، قسم خالد، ياسر فضل المولى وكانت صداقة شخصية أكثر من علاقة تفرضها المهام.
وأذكر من الطرائف أن محمد حمزة يتصل على الزملاء في عالم النجوم وكثيراً مايحضر بنفسه ويسأل الأخبار شنو فيقول له الأخ قسم خالد الأخبار عندك يا أبومهند، فيرد في أخبار تمنتاشرات وفي خبر عمودين على شبك وفي مانشيت عايزين ياتوا فيهم فيضحك الجميع وتطل شمس بكرة بانفرادات قوية لعالم النجوم، وكثيراً ما يكون لي من هذه الاخبار نصيب تزين صفحات طيب الذكر مدرستي الحبيبة جريدة الدار .

سند شداد

ارتبط محمد حمزة بعلاقة مميزة وصداقة “ماتخرش ميه” مع البروف شداد كان فيها سندا وداعما له حتى انتخابات اتحاد الكرة الأخيرة التي أقيمت والبلاد ترزح تحت وطأة الانقلاب البرهاني وجاءت نتيجتها بخسارة مفاجئة لمجموعة شداد.

الخليفة محمد حمزة

من المعروف الانتماء القوي لأسرة الكوارتة للطائفة الختمية والتي مضى في طريقها الراحل المقيم وكان خليفةً واتحادي ديمقراطي صاحب علاقة خاصة ومميزة مع راعي الطائفة ورئيس الحزب مولانا محمد عثمان الميرغني، وقد شاهدنا جميعاً في ليلة رفع العزاء كيف نعاه ممثل أسرة الميرغني وكيف عدد مآثره وعلاقته بالطريقة والحزب.

أرض الكنانة

كانت تربط الكوارتي بمصر علاقة متميزة وفريدة في عرف التواصل بين مصر والسودان وكانت القاهرة هي مدينته الثانية التي يتواجد فيها بالتساوي مع الخرطوم. وكانت سفارة مصر في الخرطوم بيته ومكتبه وسفارة السودان في القاهرة صالونه الفسيح وفيهما يقضي حوائج الناس ويلبي طلبات المساعدة في شؤون المرضى وطلبة العلم وغيرها من المنافع. وقد بكاه القنصل والنائب اللواء حاتم باشات بلسان كل المصريين. وبموته فقدت الدبلومسية الشعبية في وادي النيل سفيراً شعبياً أعلى من كل أشكال المراسم والبرتوكولات.

رجل مجتمع

عرف محمد حمزة الخضر بانه رجل مجتمع من طراز فريد يصل القريب والبعيد الصغير والكبير ويتواجد في أغلب المناسبات العامة والخاصة ويكن له الناس في الوسط الرياضي والفني والسياسي وداً ومحبة كان أهلاً لها بتواصله الدائم وعلاقاته الممتدة مع أطياف المجتمع بمختلف ألوانها وانتماءاتها وثقافاتها.

قصة الحمامة البيضاء

في مناسبة زواج كريمة قطب الهلال عبد الرحمن أبو مرين “تيسير” والذي شهد حضور غير مسبوق لأقطاب ورجالات الهلال، ومع بداية زفة العرسان تم إطلاق حمامة بيضاء تشير للفأل الحسن في يوم فرح وسعادة. طافت الحمامة أمام نظر الجميع داخل صالة العرس، ووسط دهشة الجميع استقرت اخيرا فوق رأس الفقيد الراحل محمد حمزة الكوارتي وبقيت لوقت طويل على رأسه وهو يتجول بها يسالم الناس ممازحاً وملاطفاً الحضور، وذهب بها لمكان جلوس العرسان وهي نائمة مطمئنة كأنها في عشها، سبحان الله. وبحسب رواية أبو مرين أن الفقيد الغالي وقبل زواج ابنه مهند طلب منه الصورة وكان سعيداً جداً وقال له والله كانت فال حسن وجاء بعدها “خير كتير” مما دعا أبو مرين ليقول له مداعبا ما تنسى نصيبنا.. حفظ الله أبو مرين وتقبل أبومهند في جنات ونعيم مع الشهداء والصالحين.

فاعل الخير يلقاه

كان محمد كثيراً ما يمشي في قضاء حوائج الناس سراً وعلانية وأشهد على مبادراته عبر قروب منتدى الأهلة الاجتماعي على نماذج حية من مساهماته التي توثق لقيادته عمل الخير صحبة رجال كرماء كان بينهم يوفر العطاء لليتامى والأرامل وطلاب العلم والمعسورين من نجوم الكرة والفن وغيرهم من الشرائح الضعيفة وما انقطع عن هذا الصنيع إلى أن أتاه الأجل.

واخيراً أقول هذا ما استطعت أن أوثقه لبعض من حياة رجل بهر الناس بحسن صنيعه وأبكى الدنيا يوم رحيله، ولانملك في ختام هذا التوثيق إلا أن ندعو له بالقبول والرضاء والمغفرة والغفران وان يحشرنا الله معه في جنات الفردوس تحت لواء حبينا الرسول الكريم محمد بن عبدالله صلوات ربي وسلامه عليه.
طبت حياً وميتاً أبا مهند.

علي أحمد عباس هذه شهادتي في محمد حمزة الكوارتي

منذ رحيله مازالت داره تستقبل المعزين والفعاليات تترى والتلاوات والدعاء لا ينقطع لفقيدنا العزيز أبو مهند، فالكل يتلو القرآن على روحه والكل يدعو له فإن غاب عنا بجسده فروحه الطاهرة باقية حاضرة بيننا دون انقطاع بحول الله بخصاله الحميدة وأعماله المجيدة، وذكراه الطيبة العطرة ستظل منارات سامقة يذكرها أهله وصحبه وعارفي فضله… رحمه الله رحمة واسعة بقدر ما سعي لعمل الخير وأعطي ولن ننساك يا أبا مهند طالما كان القلب ينبض، ونحمد الله الذي لا يحمد على مكروه سواه فهذه، إرادته ومشيئته تعالي الذي اختارك إلي جواره لأنك من الأخيار.
وعلى مستوى العمل الإداري في الهلال فلا أذيع سراً ولا أبالغ إن قلت أنه كان لي الشرف أن أبدأ مسيرتي وأول محطاتي في العمل بالهلال في منتصف الثمانينات عبر لجنة رعاية شؤون اللاعبين التي كان يرأسها الراحل المقيم محمد حمزة ومعنا زملاء آخرين وكان لهذه اللجنة شرف إنشاء وتأسيس استراحة اللاعبين بحي المغتربين بالخرطوم بحري وإعدادها بصورة متكاملة وتهيئتها بكل متطلبات الإقامة المريحة وكانت بمثابة معسكر دائم لفريق كرة القدم الهلالي.. ولابد أن أشير الي أن كل هذا الجهد تم دون أن يكلف خزينة النادي أي أموال وقد تم عبر عمل اللجنة باستقطاب عون ودعم عدد من الأهلة وعبر توظيف علاقاتنا، خاصة رئيس اللجنة فكان بحق انجازاً كبيراً يشكل واحد من أفكار أبو مهند وشكلت نقلة تاريخية مؤثرة في إدارة شؤون اللاعبين ورعايتهم بنادي الهلال وتوفير سبل الراحة والتغذية والرعاية الصحية لهم. وأكاد لا أبالغ إن قلت إن هذه النقلة الكبيرة التي أحدثتها لجنة رعاية شؤون اللاعبين بقيادة فقيدنا الغالي كان لها الأثر الكبير والواضح في إعداد وتأهل فريق كرة القدم الهلالي إلي نهائيات البطولة الأفريقية عام 1987..
لقد كان الهلال هو همنا الأوحد وقاسمنا المشترك نبدأ به يومنا ونختمه، نتشاور ونتحاور هدفنا ومبتغانا رفعة الهلال وعلو كعبه والحفاظ على ريادته وطليعته في السودان وللصعود به إلى مصاف الأندية الكبرى في أفريقيا والعالم العربي…
هذه لمحة ووقفة ومحطة من إنجازات فقيدنا أبو مهند الذي خدم الهلال منذ صباه الباكر وحمل همه وهمومه حتى لحظات رحيله الأخيرة. له الرحمة والمغفرة والعتق من النار اللهم امين يارب العالمين.

قتها لم يكن هناك من نجومية في الساحة .